الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد عرض على لجنة الأمور العامة في هيئة الفتوى في اجتماعها المنعقد الاستفتاء المقدم، ونصه:
ما هي السنة في أخذ العزاء؟ هل في البيت أم في المقبرة؟
وما حكم الإطعام في اليوم الثالث؟
وما حكم ما يقال بـ السنوية؟ أي في كل سنة يوضع الطعام ويذكر الميت؟
وقد أجابت اللجنة بالتالي.
اختلف الفقهاء في الاجتماع في البيوت للتعزية على مذهبين، فذهب البعض إلى كراهته، لحديث جرير بن عبد الله البجلي قال (كنا نعدّ الاجتماع إلى أهل الميت وصَنعة الطعام من النياحة) رواه ابن ماجه، وذهب البعض الآخر إلى جوازه، بل نص المالكية على أن الأفضل الاجتماع للتعزية في بيت المصاب. وقال الحنابلة: المكروه البيتوتة عند أهل الميت، وأن يجلس إليهم من عزى مرة، أو يستديم المعزّي الجلوس زيادة كثيرة على قدر التعزية.
وترى اللجنة أنه لا بأس بجلوس أهل الميت للعزاء بعد دفنه في البيت أو في المسجد، والناس يأتونهم ويعزونهم لحديث عمرة قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها قالت: لما جاء النبيَّ صلى الله عليه وسلم قتلُ بن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يُعرف الحزن، وأنا أنظر من صائر الباب (شق الباب) فأتاه رجل فقال: إن نساء جعفر ـ وذكر بكاءهن ـ فأمره أن ينهاهن)، وعن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر يوصي الحافر يقول: (أوسع من قبل رجليه،أوسع من قبل رأسه)، فلما رجع استقبله داعي امرأته، فأجاب ونحن معه فجيء بالطعام... ) رواه أبو داوود، ولما في ذلك من البر والمعروف والتواصل بين الناس والمواساة، وقد تعارف الناس على ذلك، وعملوا به.
وتوصي اللجنة بألا تزيد مدة العزاء عن ثلاثة أيام، مع تجنب الإسراف والمباهاة في ذلك. وأما ما يقال له (السنوية) فلم تردبه السنة، والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.